| 4 التعليقات ]


إلى القارئ:
أنا وأنت شركَاء في جريمة اسمها “خيانة وطن”، لنفُضّ هذه الشّراكة.. أحتفظ أنا بالجثّة (النّص) وأنتْ .. إليك ذا النّزيف!
وسنتّفق مبدئيًا أنّ “رانَا غاية.. رَانا عَايشين لاباس.. شاخصنا؟!” جملةٌ فقدت بوصلتها أو بصرها أو كلاهما! فلسنا بحاجة للكثير من الذكاء لنبصر الأزمات في مختلف ميادين الحياة الوطنيّة، يكفينا أن نتجول في الشّوارع والطّرقات ونتعامل مع إدارات ومؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة لنقف على حقيقة الوضع وندركه! فالحكومة بوطني تقوم باسم الله، فمن وزارة الصّحة تحت شعار “كل من عليها فان” إلى وزارة الثّقافة “علّموا أولادكم أذكار روتانا” مرورًا بالاقتصاد “أنت ومالك لأبيك“..!
لستُ بمكاني هذا أتصيّد الأخطاء وأرصد السّلبيات والمشاكل والعيوب ولستُ بهذا أيضًا أرسم الوضع وبعينيي نظارات سوداء لأغرقنا في التّشاؤم والعجز و”هذا المكتوب“.. ولكّنهم في دراستي علّموني أنّ التّشخيص نصف العلاج، وتشريح الأزمة والبحث في أسبابها ومظاهرها هو المدخل الطّبيعي والمنطقيّ للبحث عن حلٍ ممكِنْ وصياغة لمعالم الجزائر الحبيبة!
أرى أنّك مازلت هنا؟ أقصدك أيها القارئ! وهذا لا يعني إلّا أنّك بدأت تؤمنُ بوجود الخلل، وبالنّسبة لي هذا مؤشر جيّد لأنّ إيماننا بوجود الدّاء وخروجنا من الانطواء على الألم إلى الكلام هُو بداية فعليّة لحياةٍ أفضَل!

إيجاد حلٍ للمعادلة المفقودة بالجزائر مسؤوليّة من؟
يبدو أنّه لم يبق لنا من “الجزائر” إلّا خارطةٌ ونشيد نتلوه كل الصّباحات وفريقٌ وطنيّ يخسر بانتظام، وأخاف أن يأتي يومٌ نتسوّل فيه على الأرصفة “من مال الله هبونا وطنْ!”. طبعًا لكلّ إنسان حرّية كاملةٌ في قول رأيه بصراحة وفي أي موضوع ولكن قول الآراء يختلفُ كثيرًا عن التنظير وطرح الرؤى الإستشرافيّة، وأكثر ما يشدّك على صفحات الفيسبوك مقاطع الفيديو التي يتحدث فيها عن أحداث تونس ومصر على أنّها الطريق الصحيح للخروج من الأزمات السياسية والتنمويّة، على أنها “المنهج” الذي يجب على الشعوب العربيّة إتباعه حتى تعود الأمّة لمجدها من جديد.. ليس عيبًا أو خطأ أن ندلي بآرائنا لكن الخطأ -يا إخوتي- أن نجعل منها “منهج عمل” لمعالجة مشكلات الأمة.. بناء الأمّة لا يقوم على كلام مؤثّر دافع حماسي -مع أنه مهم لتحريك المشاعر-، بناء الوطن عمليّة شاقّة ومعقّدة لا تحصر في كلام هذا وذاك!
والدّول التي تقوم على المعرفة تدوم طويلًا وذلك لأن أركانها تبنى على قواعد صلبة ولا يمكن إيجاد تلك القواعد دون مفكرين وفلاسفة يرصفون الطريق الصحيح لقيامها ويدلون شعوبها على الطريقة المثلى لفعل ذلك، كما يقول الإمام الشّيخ محفوظ النحناح –رحمه الله- ” لابد لنا من استعادة الوعي الجماعي بقراءة واعية للحاضر واستشراف المستقبل، وذا يقتضي ثورة في العقليات والذهنيات والأفكار وأول مراتب الوعي وعينا بذاتنا وبالمكونات الأساسية لهويتنا وشخصيتنا الوطنية ثم الوعي بأزمتنا وأبعادها وآخره الوعي بالآخر، ما يريد منا؟ وكيف ينظر إلينا؟ ما يأخذ منا وكيف نستفيد منه؟”..
والثّورات التي تنبثق من عقول المفكرين والفلاسفة خير من ثورة تنطلق من عقول الثّوار ! لقد ساهمت أفكار فلاسفة عصر التنوير في تأسيس بنية تحتية للفكر الإنساني في أوروبا وأميركا، إلا أنه على الرغم من وجود تلك الكوكبة من المفكرين والسياسيين والقادة الإصلاحيين، إلا أن الثورات لم تأتِ أُكُلها إلا بعد عشرات السنين، حيث أن المعرفة تحتاج إلى وقت كي تُختزل، وتُفهم، ومن ثم تُوضع حيّز التنفيذ وهذا يدعونا إلى التساؤل عن مصير الثورات التي تندلع شرقًا وغربًا دون وجود منظرين ومفكرين ورؤى تخرج بتلك المجتمعات الثائرة من أنفاقها المظلمة وتمدّها بالمكونات الضامنة لنجاحها.. فلقد أتبثت السنوات الستون الماضية بأن الثورات غالباً ما تكون عاطفية إن لم تتقدمها مبادئ حضارية تنقلها من قلوب الناس إلى عقولهم ومن ثم إلى أيديهم.
لا يمكن لأحدٍ أن يلوم الشعوب المقموعة إن غضبت وثارت، ولكن في غياب الرؤى الواضحة، نخشى أن تُختزل تلك الثورات في التنفيس عن النفس والثأر للكرامة، فدَور الثورات لا يكمنُ في تغيير رموز السلطة فقط، ولكن في تغيير فكر السلطة وإصلاح هيكلها وأدواتها المتمثلة في الدستور والتشريعات والعقلية التي تُدار بها الدولة، لكي تجعل حق الإنسان وحريّته هما أساس استقرارها.
أخيرًا يقول الإمام الشّيخ محفوظ النّحناح -رحمه الله- :
الحركة الواعية تنظر الى الواقع بموضوعية وتنظر الى الذات بموضوعية وتستعمل أدواتها التغييرية بواقعية أيضا تدرك أنها أمام ألوان من النفسيات والأمزجة والمخلفات الجاهلية والتطلعات المستقبلية والتحولات التاريخية والتشكلات السياسية ، فلا تتبرم ببطيء سقيم الفكر ولا تنزعج من مستعجل غشب عينيه عن الشبهات فهو : مستعجل يريد اللحاق بموكب التاريخ المشع قبل الآون، أو مستعجل يريد قطف الثمار قبل اكتمال النضج، أو مستعجل يريد تحقيق مآرب ذاتية وآنية، أو مستعجل يريد دفع الموكب نحو الهاوية، أو مستعجل يريد انطلاقا مُجنحا بدعوى الخروج من الفتور واليأس، أو مستعجل مستغل لأمانتك التى استامنته عليها ويعمل على افساد ذات البين، أو مستعجل يريد السير فوق انقاض وجماجم من قبله.
ولا ينفي هذه ثمة مستعجلين يريدون الخير ولا يبغون به بديلا كما لا ينفي أن يكون ثمة مستعجلون خشوا أن تفوت الفرصة كما لا ينفي ان ثمة مستعجلين يتجاوزون المتعارف والمتفق عليه الى المختلف فيه والذي يرفض العودة الى ما تتبناه مرجعية الحركة للخروج من دائرة التصادم اثناء وضع لبنات الدعوة، الوعي بالحركة هو ادراك تموقعها من خريطة العمل الحركي والسياسي واحاطتها بكل ما من شأنه أن يسيجها لحمايتها مما يسبب لها.

أخيرًا أخيرة.. مفهوم الإصلاح ليس بالضرورة أن يكون في وجه الفساد، فالإصلاح مذهب حضاري وممارسة عصرية تمتهنها الحكومات بغض النظر عن مستوى الفساد في دولها، والإصلاح لا يُمارس للقضاء على الفساد فقط، ولكن لتفاديه، وللارتقاء بمستوى المؤسسة السياسية في أي دولة.

4 التعليقات

أحمد يقول... @ 28 أكتوبر 2011 في 5:40 م

وأينما وليت وجدتكِ !
تجدين نسج الكلام.. حما الله الأوطان يا سارة حماها الله!

ندى الورد يقول... @ 28 أكتوبر 2011 في 5:42 م

صدقت عزيزتي سارة، ليتهم يسمعون منّا ويفقهون وعلى قولتك ربنا يجيب الخير .....

هداية يقول... @ 28 أكتوبر 2011 في 5:43 م

سارة، أي والله إنّها لغيبة أفما اشتقتِ لفريق هداية؟

مشتاقة يقول... @ 28 أكتوبر 2011 في 5:45 م

اييييه سبحان الله هدااية نفس الشيء كنت ححكيه لسارة، هو أنت فعلًا ما اشتقت للمتلقى؟ السّرايا؟

طيب إذا لم يكن، احنا اشتقنا ما ع خاطرنا طلّي علينا واحكيلنا بس صباح الخير من تمّك الطيّب يا رقيقة،

إرسال تعليق