| 2 التعليقات ]

بَين الصّبَاحِ البَاكِرْ وَالنّعاسِ كَرٌ وَفر، أجْلِسُ بِأخِر الـBus كَالعَادَة مُستَمتِعَة بممَارَسَة هِوايَة حَلّ الكَلمَاتِ المُتقَاطِعَة التِي مّزّقتُها مِنْ جَرِيدة وَالدِي صَباحًا دُون أنء يَنْتَبِه لِذَلِك، قَبْل أنْ يُقرّر "التلفُون" -عديم الوازِع والضّمير- أنْ يُفسِد علَيّ لحَظات الصّفاء بِرنّة مُشتَبَهٌ بِها، أدْرَكْتُ مِنْ خِلَالِها أنّها لَنْ تَكُون إلّا بِدَايَةً مَأسَاوِيّة لِهَذَا اليَوم.. فَبدَأتُ أبَرمِجُ نَفسِي عَلى تَوقّع الأسْوأ.... سَاد رَأسِي صَمتٌ مثِيرٌ للرَيبة قَطعتْه دَندَنة ذُبابة مُراهِقَة تَقضِي وَقتَ فَراغَها بيْنمَا كنتُ قَد شَرعتُ فِي ضَربِ حِسَابَاتٍ بَالِغَة التّعقيد للتّوصّل إلى الدّقائق البّاقيّة للوُصُول إلى وَهران، وقَد استَحالتِ الكَلِمات المُتقاطِعة إلى نُقوشٍ سُومَرِيّة.. حَاولتُ تَركَها جَانبًا والوُلوجَ فِي نَشَاطٍ فِكرِي لِأنسَى أنّ صَدِيقتِي أخْبَرتْنِي "أنِي حصلتُ على نُقطَةٍ جَيّدة فِي الامتحان السّابق إلّا أنّي سألِجُ امتِحانًا اسْتِدرَاكِيًا لِأنّي -يا سُبحان الله- غَائبة فِي الثّانِي" تُحدّثُنِي نَفسِي فِي نَفْي ذاك الكَائن الغريب "الأستاذْ" -الذِي لَم أرَ مِنه إلا حَركَة دّؤوبة أسْفَل وجهه وَأقْصِدُ بذَلك حالة فَمه وَهو يمضَغ العِلْك كَالفَتَيات- لِيَستَجِمّ بِشَاطِئ عُطارد.. لَكنْ سَرِيعًا أطْرُد تِلكَ الوَسَاوِس لِعدّة أسْبَابٍ لَعلّ مِن أبْرَزِها حرصِي على العَلاقَاتْ الطّيبة مع الكَواكِب المُجاوِرة!
فِي مِثْل هذه المَواقِف المَصِيريّة يَحدُث أنْ تنْسَى اسمك مِنْ شَدّة القَلقِ والارتباك، لِذلكْ فَالفَهيمة "أنا" عِنْدَما أخذْت "تاكسي صَباح الخير" بَدل أنْ أقول له خُذنِي إلى مستشفى "البلاطو" طَلبتُ منه الذَهاب إلى مستَشفَى "ليسطو" وَلكَ أنْ تتَفرّس مَلامِح السّائِق عِنْدَما اكتَشفُ أنّي أخطأت العٌنوان! وَيبدُو أنّ دَمعتَين كَانَتا كَفيلتَينْ أن أحرّك شَيئًا منْ إنسانيته وَيغْفِر لِي! لِأبْدَأ بَعدَها سِلسَلةً مِن الخَيبَاتْ وَأنا أتنَقّل مِنْ مَكتَبٍ لِأخَر .. لِأصِل إلى الدّكتور المُشرِف عليّ وأشرحُ لَه القِصّة الأليمَة وَأنا أبكِي كَطِفْلَةٍ فَقدتْ دُميَتها إلى الأبَدْ!..
هدّأنِي وَقال "إيييه، نعم ياك نتِي اللي عدّلتِي الدّاتَشاو نهار الإمتحَان".. وَيبدُو أنّ الزّهايمر فِعلًا بَدَأ عَملهُ بِرأسِي فمِنْ كَثرة "الخفّة والقْلق" نَسيتُ هذه الحادِثة التِي تُعتَبر دَلِيل بَراءة! وَبِخيبَة أمَلٍ مُوازِية زعَمْ أنّ هَذا لا يَنْدَرِجُ ضِمن أعَماله وَإنّما هِي وَاجِبات "الشّيطان سليمان" الذِي وددتُ إرساله إلى رِحلة كوكبيّة! وَالذِي يتَوجّب عَليّ انتِظاره مُدّة غَير مُقدّرة فَهذا "الكائن المَجهول" لَا يَعتَمدُ توقيتْ غرينتش وَأحسَنُ لَك أنْ لَا تُمارِس تَوقّعاتِك.. وَيا للأحاسِيس المُعَوّقة -بَعْد أرْبَعِ سَاعاتٍ مِن الانتظار وَاقِفَةً أيْن خَذلَتنِي أقْدَامِي تَمامًا كَما خَذَلنِي قَلبِي- التِي تَنتَابُك أوّل مَا يَظهَرُ وَجهه مِن بَوابّة الجامِعة إذْ يَبدٌو يا سُبحان الله مُستعارًا مِن مَلامِح نَصّاب محتال أوْ عَمِيلٍ مُتَمرّس!
لَا احد قَادِرٌ على الإحسَاسِ بِحالةِ الاكتئاب الحَادّة وَأنا أجْلِس أمامَه أحاوِل إفهَامَه مُلابَسَات الجَرِيمة وأنّي أنَا الضّحيَة التِي أرسَلها دُكتور كَلينيك "فلاوسن"..!
فِي النّهايَة وَيبدُو أنّي أسْهَبتُ كَثيرًا وَضَيّعتُ وَقتَكم أكْثَر فِي أشْيَاء لا فَائدَة مِنها.. الحمْدُ لله وَجد "الكَائن الغَريبْ" دَليلَ بَراءَتِي -وَرقَتي الخَاصَة بالامتحان- فِي كَومَةٍ مِن الأورَاقِ وَبقَايَا السّجائِر.. وَفُرجتْ!
مَا يُسَتفَادُ مِن القِصّة الحَزينة أعلَاه؟
كُنْ إبْنًا مُطِيعًا وَلا تُمَزّق صَفْحَة الكَلِماتْ المُتقَاطِعة مِن جَريدة وَالدِك صَباحًاً!

2 التعليقات

غير معرف يقول... @ 15 ديسمبر 2010 في 12:49 ص

رائعة دكتور :)
.. لا تبخلى علينا فى ملتقانا بشتائك.. هناك ~
أخيتك

سارة محمد يقول... @ 19 ديسمبر 2010 في 9:11 م

إن شَاء الله أخيّه ..:)

إرسال تعليق