| 5 التعليقات ]

التلفازُ .. انحطاط فكريّ 



التّواصل هو الحاجة العليَا للبشريّة، سلسلَةٌ تأبى الانتهاء كَون الطّبيعة الإنسانيّة وتكويناتها الخلقية بحاجةٍ مستمرّة لمعرِفة تغيّرات الحرَكة الخارجيّة وللإعلَام والمُؤسسات الإعلَاميّة أهميّة كُبرى في الاندماج الاجتماعي، مشكلة وسيطاً اجتماعياً بين الأفراد والجماعات في حلقات تبادل المعرفة، والإطلاع على مفردات الآخر بكل التفاصيل.
وُيعتبر التلفاز أحد أهمّ وَسائل الإعلَام انتشارا وَقُدرة علَى صناعةِ الرّأي العام للشعوب مُمثلًا بذلك أحد الاستخدامات الأساسيّة لِقطاعٍ كبيرٍ من النّاس بجميع شرائحه الاجتماعية وكافّة فئاته العمرية لا تتصور الحياة بدونه، فهو المتعَة والتسلية والراحة .. أو رُبّما نوعٌ جديد من الإدمان!
فهَل أصبح التلفاز قُنبلة موقوتة تستبيح الفكر وتدمر الذات؟
إنّ حجم التشكّل المعوج الذي أصاب أبنيتنا الفكريّة والثقافيّة والاجتماعية والاقتصاديّة اعتمد بشكلٍ كبير على مستوى قوة أعاصير التغيير الخارجية العاصفة بنا خصوصًا بعد الثورة التكنولوجية للقنوات الفضائية التي فتحت أبواب العالم وأوصلت آثارها حتى أقصى نقطة في الأرض، فلم يعد هناك عاصفة محدودة بل هو إعصار هائل أذاق كل العالم من وباله!
التّركيز على إفساد النشء!
باستعباد أبنائنا وأجيالنا بتصدير أفكار وقيّم وعاداتٍ معلّبة من شأنها طمس فطرة الصغار وتضييع عقيدة التوحيد في نفوسهم، ومع الوقت صنع "طَابُور" ممتد من شباب يتغنى بالأبطال الغربيين "الفسدة"، وعقول بنشأة غربية.
أمّا المراهق، فتشكل له شخصيّة عدائية، سريعة الانفعال بثقافة مشوهة عن الحب والجنس باعتبار مادتهم الأولى لتكوين المعرفة هي التلفاز!
والسؤال الذي يساورني باستغراب ملح! إذا كان الأهل يرفضون تدخل غيرهم في تربية أبنائهم! كيف لهم أن يقبلوا بجهاز دخيل يتولى عملية التربية وتخدير أبنائهم بقيم خاطئة ومفاهيم مشوهة؟!
مصادرة "الهوية" واغتراب الأمّة تحت وطأة الازدواجية والضّبابية والانهزامية، وضياع القيم الدينية والمفاهيم الأخلاقية واللغة العربية، نهاية إلى حياةٍ بأنموذج غربي بما فيه من عقوق وخمر ومخدّرات وزنا!
"إذا كان السجنُ هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرسة الإعدادية للأحداثفطفل القرن الواحد والعشرين يشاهد ما يزيد عن 200 ألف فعل عنف و16 ألف جريمة قتل قبل بلوغه الثّامنة عشر مع الإشارة أن غالبية أعمال العنف تمر من دون عقاب وتقدم بمظهر ترفيهي ومسلّ!! ما عمّق ثقافة العنف عند الشباب وكرّس الميل للعدوانيّة ناهيك عن "الرذيلة" المورّدة و"القبح" المُجمل.

غير ناسين -إضافة إلى هذه البلايا بلايًا أخر- كضعف التحصيل، وهدر الوقت ومخاطر صحية ..ألخ
           
لذا فشاشة التلفاز -برأيي- مجّرد مُثبط فكري ، تجعل الشخص بوضعية استقبال للكّم الهائل من البيانات مؤدية بذلك إلى تخمة معلوماتية لا تدع للفرد وقتا لتحليلها وتقييمها أو معارضتها وقد اجتاحته كطوفان لم يبق فرصة للتشبث أو البقاء، لذلك نرى أن قبول الأفكار الغربية والتسليم بها يزداد يوما بعد يوم حتى أصبح التشبه التغريبي من أهم مظاهر التقدم.

لا أدري للآن ما فائدة أن يبقى الفرد أمام التلفاز مشرع العينين ليعيش سيناريو مكتوب لا يُسمن ولا يغني من جوع؟ حُب لم يكتمل أو صراعات داخلية بالعائلة أو حتّى خلق القصص المضحكة و التي بكثرتها ستميت القلب!

نحن حقاً بحاجة للابتعاد عنها، الكثير سيتساءل ماذا عن البرامج المفيدة التي يعرضها التلفاز بين حينٍ وآخر ؟ لا أنكر مطلقا فائدة التلفاز في نقل مُجريات الأحداث والكثير من المعلومات في البرامج التثقيفية و التعليمية، لكن أليس هنالك طرق أثمن للحصول على المعلومة؟ ألا ترون أن الكتب عانقت غبار الهجر؟
نحن بحاجة لأن نفكر، نستفهم أمام الأمور الغامضة، نبحث في المصادر وندون ما استفدناه ..

وفي النّهاية يبقى التلفاز "سلاحًا ذا حدّين" ويظل المقال وجهة نظر!

5 التعليقات

مصطفى يقول... @ 14 ماي 2010 في 5:52 م

السلام عليكم..

في رأيي المشكلة تكمن في ثقافة شعوبنا..وبالتالي تحديد الغرض من التلفاز..فلو نظرنا نظرة فاحصة لوجدنا أن معظم من يقوم بجلب التلفاز وأطباق الإرسال الفضائية..فإن فعله بلا هدف..مالهدف من وجود التلفاز في البيت؟!

وكما أشرتم إلى أن الكتب تشتكي هجرها وعلتها أكوام الأتربة..القراءة والإطلاع أهم أسباب الأخذ بالتقدم..!

بيتنا مثلًا..كيف نستخدم التلفاز فيه؟!
أبي لمشاهدة الرياضة..وبرنامج يشترك في إعداده إبن عمتي.
أخي بالإضافة إلى الرياضة فقنوات الأفلام الأجنبية تقوم بالدور كاملًا !
أمي..برامج لافائدة منها نهائيًا !

أنا..لقراءة شريط أخبار الجزيرة والبرامج الوثائقية.

إذًا..كلها لافائدة منها..تضييع وقت وجهد وتربية على السلبية..!

وتكفي مواده الرديئة والبضائع المزجاة التي يغذي بها عقول الصغار والكبار !!


طرح جيد أختنا الكريمة.

سارة محمد يقول... @ 15 ماي 2010 في 7:17 م

"مَا الهَدفُ مِن وُجودِ التّلفَازِ في البيت؟"

صدَقتْ .. سُؤالٌ وجيه!
^^ شَكَر الله وُجودكُم أخي..

حسن يقول... @ 18 ماي 2010 في 9:41 م

لا أفكر في الاستغناء عن التلفاز في المنزل لكن منذ اصبحت لا أجلس أمام التلفاز إلا لهدف معين (سماع الاخبار، متابعة حصة أو برنامج، ...)، أصبحت أحس أن هذا الجهاز لم يعد يتحكم في بل أنا الذي أتحكم فيه وأستفيد منه حسب ما أريد..
أرى ان هذه أحسن طريقة لاستعماله.. لكن حينما يكون لي أبناء فأني سأفكر مليا في كيفية التعامل مع هذا الجهاز..

غير معرف يقول... @ 21 ماي 2010 في 10:56 م

سارة ..
.
ليس هذا الموضوع الاول الذي اقرأه لك ..فقد كنت أتابع حكاياك ..
مبدعة أنت .. و حق لي أن أقتدي بك ..
..
هل يمكن أن أعزمك هنا لنتاول قدحا من الأدب .. في هدوء و سكينة ..
http://www.aw6an.com/vb/index.php
..
آمل زيارتك ..
ريم محمد

زينب علي حبيب يقول... @ 22 ماي 2010 في 4:56 م

منذ فترة طويلة و تلفازنا مهجور!...

لقد منعنا ابي منذ زمن من المسلسلات و كل مسلسلة يقلبها تحت اي مشهد...كنت اراه -عادي-!

مما جعلني ابحث في النت عن المسلسلات و خاصة بعد الحديث المكثف الذي يتناولوه زميلاتي عنها...

وحتى وصل مسلسل تركي هز اسماعي و اعجبت بقصته كثيرا...فجعلت امي تقنع ابي بمشاهدته!

و حصلت المشاهدة


وفي اخر حلقاته...اصبحوا هم يروه ومن مللي من السينارو التافه و الاعادة والتطويل كرهته...و لم اعد استخدم هذا الجهاز...

وعدت بعد فترة اخرى لمسلسل مصري ذو فكرة -سامية -
و لكنني لم اكمله كسابقه

وبصراحة ...جهازنا كان شبه مهجور الا من اخي الذي يقضيه على الكارتونات التافهة وعديمة الجودة والقيمة...الى ان اتت رحمة الله عز وجل و خرب...

و لم نحتج اليه ... الى امي افتقدت بعض القنوات الدينية والتي انا اؤمن بانها ستستطيع التعويض

الله يجيرنا من هذا التلفاز

وعذرا للاطالة و كتابة...قصة حياتي :P

لكنه موضوع شدني و خصوصا مما اراه في الذين حولي وخصوصا في شـــ رمضااان ـهر


بالتوفيق

إرسال تعليق