| 0 التعليقات ]

السّلَام عليكم ..





[ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ] ..

عندما يهبك الله الهدى و يغرس فيك بتلات الدين ..
فإنّه يحبك !..

أفنحن نحب الله ؟!..


وَ إذا كنّا نحبّه فهل نحن مخلصون ! ..
مخلصون فِي حبّه ..
في طاعته .. في اتباع أوامره سبحانه ..
فِي اجتناب نواهيه عزّ وجل ..

[ قُل إنّي أمرتُ أن أعبُد الله مُخلِصًا له الدّين ] ..

الإخلَاص ..
انبِعاثُ القلبِ إلى جهة المطلوبِ التمَاسًا ..
وَ اغماض عَين الفؤاد عنِ الالتِفاتِ إلّا له ..
سرٌ بين الخالقِ و عبده ..
لَا يعلمُه ملكٌ فيكتُبه .. وَ لا شيطانٌ فيفسده .. وَ لا هوى فيميله ..

الإخلاص ..
افرادُه وحده بِالقصد فِي كل تصرّف .. و تخليصُ النيّة مِن فسادها ..
وكان سفيان الثوري يقول:
[ ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي لأنها تتقلب علي ] ..

الإخلاص ..
ألّا تَرى عينك غيره .. وَ لا تطلبَ شهيدًا إلا هو .. وَ كفى بالله شهيدًا ..

[ إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمته فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت ليقال: جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ..
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به يعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت؟ قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكن تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من صنوف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها ألا أنفقت فيها قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار"

يَا رب أعذنَا ..
إنّ الأعمال لا تتفاضل بصورها و عددها و إنّما تتفاضل بتفاضل ما في القلوت فتكون صورة العملين واحدة و بينهما كما بين السماء و الأرض ..
فهاهي الطّاعات بلا إخلاص و لا صدقٍ مع الله لَا قيمة لها و لا ثواب فيها ..
بَل وَ أصحابها كبّوا في جهنّم و أعمالهم عظام ..

فيا رحيم أرزقنا الاخلاص ..

:

و نعود لنقطة اليدء ..
الله يحبّتا ..
فقد أودع بنا الاخلاض سَلَاحًا غُيّب في زمنٍ نحن أحوج فيه إلى القوّة ..
سلَاحٌ للمؤمنين يقيهم الهم و الحزن و اليأس و الضياع و الضعف و الخيبة ..
مفتاحًا لسعادة روحيّة وَ راحةٍ نفسية ..

[ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ]

لقد علم الله ما في قلوبهم من الإخلاص .. وصدق النية والوفاء ..فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً .. طمأنينة تتغشّاهم.. وثباتًا على ما هم عليه من دينهم ...

وقد ضرب الله مثلاً لحال المُوحّدين المخلصين، وبين سبحانه كيف يُثمر الإخلاص في نفوسهم اطمئناناً وسكينة وراحة،

تخَيّل أن هناك عبدين ..
الأوّل له سيّد واحدٌ عرف ما يرضيه و ما يسخِطه .. فجَعل همّه كلّه ارضَاء سيّده و اتباع ما يحبّ ..
و الثّاني .. يملكه شُركاء غير متّفقين .. كلّ واحدٍ يأمرُ بِخلافِ ما يطلبُ الآخر .. فتأكله الحَيرة أيرضِي ذا أم ذَاك ؟!..

فهل يستَويَان ؟!..
ألهمَا نفسُ الرّاحةِ و الطَمأنينة في ابدانِهم ؟!..
أتظل قلبيهِما نفس السكينة !!..
كلّا و ربّي .. فأوّلٌ سعِيدٌ و ثانٍ مشَتّت شَاقٍ .. لَا يستَويَان .. !!

[ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُـونَ ]

كذا الله و لله المثلُ الأعلَى ..فَكلما قلّ الإخلاص فِي القلب قلّت السكينة و ضاعتِ الطمأنِينة فتضيعُ القلُوب وسطَ الظلام مهرْولةً وراء الْدنيا ترضى عن ربها إن وهبت و تسخط بالعدم ..

قال ابن القيم :

" الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب؛ فروعها الأعمال، وثمرها طِـيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك.
والشرك والكذب والرياء شجرة في القلب؛ ثمرها في الدنيا الخوف والهم والغم وضيق الصدر وظلمة القلب، وثمرها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم .. "


الإخلاص .. فرجٌ ونجاةٌ من الفواحش ..

[ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ] ..

ثمرةٌ مِن الثّمرات .. نزول الفرجِ مِن عِنده .. و النّجاةُ مِن الكرب و الشّدة ..!
أنجَاه الله من كيد امرأة العزيز .. لأنّه كَان مخلِصًا ..!

الإخلاصُ قوةُ هِمّةٍ ..

[ وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نبياً ] ..
ألك أن تنظُر إلى سيدِنا موسى عليه السّلَام كيف رفعَ الله قدره و أعلى مرتبته فجعله كليّمه ..
لأنّه كان مُخلصًا ..

فذَا الذي يطلبُ رِضا الله لنْ تقِف به همتُه لهدفٍ دنيويّ من مالٍ و شهرةٍ و مكَانة ..!
و لن ينكسِر مجدافُه أمام العقَبات .. لأنّه ينظُرُ لِما هُو أبعد مِن الدنيا .. لأنّه يَرى الله .. فَيُنسيه ذاطَ رُؤيَةُ غَير النّور ..
لأنّه يطمعُ بثَواب هناك .. ثوابٍ لا ينقطِع ..

أتريد أن تحبّ الله ..؟!..
ربّ ذاتَك على الإخلَاص .. فقم جَوف ليلٍ ركعاتٍ لَا يعلمُها إلّا هُو .. أخفِ عن شِمالك ما أنفقته يِمينك ...
كنْ فِي حركَتِك وَ سكُونِك ، فِي سِرّك وَ عَلانيّتك لله لَا يمازِجه نفسٌ و لَا هَوى و لَا دنيا ..
تكونُ قد حققت المقصد الأسمَى و المُراد الأعلَى ..



وَ اعلم انّ الله يحبّك فلَا تكن أعمى و أوجد حبّه بالاخلَاص له ..!


رَزقَنِي الله وإيّاكُم الإخلَاص !



0 التعليقات

إرسال تعليق